وصلت بقامتها المتوسطة الطول أخيرا الى المسجد الذى اعتادت على الذهاب اليه منذ آخر رمضان
استقبلتها صديقاتها اللاتى عرفنها حديثا وأحببن وجهها الطيب ونظراتها الحانية.. ولسانها الحلو
التفت حولها الفتيات.. يقبلن رأسها.. ويحتضنها.. فهى قريبة الى كل القلوب
وبعد الدرس وانصراف الشيخ الامام من خلف الستار.. دار حديث سألنها فيه عن أبنائها فأخبرتهن أن لها ابنا وحيد.. انه فارسها النبيل
اتسعت عيون الامهات وانطلقن يسألنها بفضول الامهات فكلهن تطمع فى فارس نبيل
واقتربت الفتيات ليسمعن الاجابات.. وقد دقت قلوبهن لوصفها
انه البار الحنون.. حافظ القرآن.. حبيب المسجد.. طيب اللسان.. حلو الكلام.. وجهه كالقمر.. عيناه جوهرتان.. أهدابها تلتف حول العين كجناحان.. كلما نظر اليها ترفرفان.. طويل القامة.. حاد الانف.. ناجح فى عمله.. محبوب من الجميع.. أصدقاؤه كثيرون.. يأتوا ليصحبوه كل صلاة
*******
سألتها صديقتها التى كانت تمسك يدها.. وتخشى أن ينقطع الكلام: ماوظيفته...وأين يعمل؟؟
ردت بحنان: مهندس.. تخصص فى الحاسوب.. وانتقل بمكتبه الى المنزل.. ولا يفارقنى أبدا.. ويدير عمله بجوارى
صاحت أخرى: يا له من ولد بار.. هل خطبت له؟؟
ردت والفرحه تقفز من عينيها: نعم.. عروس جميلة.. محجبة وأميرة
صمتت الفتيات بحياء.. وقد خاب أملهن.. واهتزت رؤوس الامهات.. وقد خاب رجاءهن.. لكنها لم تسكت.. واستمرت فى وصفها: انها بالحق.. جميلة.. جميلة.. تتبعه كظله.. يشتاق اليها ولحسن خلقها.. وحسن ردها.. وهى أمامه.. ان غابت فهى حاضرة فى قلبه.. تطيع دوما أمره.. ولا يأمرها الا بخير.. وتأتيه لزيارته في موكب
رفعت من غارت صوتها لتصيح باستنكار وقالت: أو تأتي الخطيبة لخطيبها؟
ردتها بلطف وقالت لها: بل كان معقود عليه قرآنها.. وكان يصحبها أخوها وأمها.. أما الان فهى زوجته
عم الصمت.. وأتت من الخلف دعوة من صديقتها المسنه الحكيمه التى تحبها..فقالت: اللهم بارك فيهما وعليهما
*******
أمّن الجميع على الدعاء.. وسلم من الحسد المسكين.. وانطلقت تهرول الى بيتها.. تشتاق الى وجه ابنها.. ودقت الباب ففتح لها.. بوجهه القمري.. وبسمته الرائعة.. وهو جالس على كرسيه المتحرك
أدار العجلات للخلف ليفسح لها المكان لتدخل.. والتقط يدها.. وقبّلها بحنان
تأملته ووجدته كعادته.. متأنقا ومتعطرا.. فقد اقترب وقت عودة زوجته.. وحبيبته من عملها
وها هو قد أنهى عمله على الحاسوب بمكتبه.. ومن بعيد سمعا معا صوت خطواتها السريعة.. وراقبته أمه لترى اللهفة على وجهه
ورأت يداه ترتجفان.. وقامت لتفتح الباب.. فناداها همسا: لايا أمي.. سأفتح أنا
وأسرع واقترب من الباب.. وسحب من خلفه عكازان.. قد عاونته حبيبته أن يقف عليهما.. فصار الان.. فقط... يقف ويصير أطول منها.. وتحامل على يداه بقوة.. ووقف مستندا عليهما.. والتقط أنفاسه وفتح الباب لها.. لتشرق بعيناها الحبيبتان اللتان امتلأتا حبا وشوقا
وأخيرا ارتمت فى أحضانه هربا من الدنيا اليه.. وترفع رأسها لتنظر الى وجهه.. وهو لا يزال يتحامل على العكازين.. تلومه أن وقف لها فيرد الفارس النبيل
((أحببتُ أن أرى الحب فى عينيكِ.. من.. أعلى))